الزيارات:
العصافير: المهندسون الصغار
الزيارات:
لا بد أن تكونوا رأيتم أعشاش العصافير التي تبنيها إما على الأشجار أو في شقوق جذوعها أو في شرف منازلكم· وتلك ليست سوى بعض النماذج للأنواع التي تعرفونها من العصافير· ولكن هناك أنواعا لا تحصى من العصافير وأشكال كثيرة جدا مما تصنعه من الأعشاش، وهو أمر يدعو فعلا إلى التفكير فيه· أولاً: تبني جميع العصافير أعشاشها بشكل متناسب مع طبيعة البيئة التي توجد فيها· وكمثال على ذلك: العصافير التي تعيش على سواحل البحر· فهذه الأنواع من العصافير تبني أعشاشها على سطح الماء على شكل لا يجعلها تغرق· وكل ما يستعمل من مواد وكذلك الشكل الذي يبنى به العش يكون مصمما تصميما خاصا· وعلى هذا النحو فعندما يرتفع مستوى الماء فإن العش وما بداخله من الفراخ لا يتضررون· وهذه الكائنات تكتسب هذه الخصائص منذ اللحظة التي تولد فيها دون أن تتلقى أي تعليم في هذا الأمر· ولا يمكن بحال من الأحوال أن تتعلم العصافير هذه التقنيات مع مرور الزمن، فحتى إذا افترضنا أن العصافير جربت في البداية فإنها تغرق قبل أن تتعلم أي شيء· ثم إن هذا الأمر لا يمكن أن يحدث على الإطلاق لأن العصافير - ومنذ اللحظة الأولى التي توجد فيها على ساحل البحر- تبدأ في إنجاز هذه الأعمال، وكل عصفور يصنع عشه بالشكل نفسه الذي يصنعه العصفور الآخر·
أما بعض العصافير التي تعيش في حقول القصب، فهي تبني جدران أعشاشها وتجعلها على ارتفاع عال وذلك حتى لا يسقط البيض بفعل هبوب الرياح· وهذا العصفور الذي بني عشه بهذه العناية، كيف عرف أن البيض ينكسر عند سقوطه؟ فنحن نلاحظ هنا أن العصفور يتصرف تصرفا غاية في التعقل والتدبير·
هل خطر ببالكم يوما أن تفكروا كيف استطاعت عصافير بهذا الصغر ولا تملك عقلا ولا ذكاء أن تقوم بهذه الحسابات؟
مقتطفات من مؤلفات هارون يحيى
اعلان جانبي يسار
اعلان جانبي يسار
