تحذير
هذا الفصل الذي ستقرؤه يكشف عن أسرار
حاسمة في حياتك. ولابد أن تقرأه بعناية وإمعان، لأنه يعالج بموضوعا يمكن أن يحدث
تغييرات جذرية في نظرتك إلى العالم الخارجي ومفهوم الزمن والأبدية. إن موضوع هذا
الفصل ليس وجهة نظر فقط، أو طريقة مختلفة أو فكرة تقليدية أو فلسفية: إنه حقيقة يعترف
بها كل فرد، سواء أكان مؤمناً أم غير مؤمن، وقد أثبتها العلم اليوم.
إن
مفهوم "طبيعة المادة" هو مفهوم يمكن أن يغير نظرة الإنسان إلى الحياة، وفي
الحقيقة يمكن أن يغير حياته كلها حالما يعرف جوهرها. ويرتبط هذا الموضوع مباشرة
بمعنى حياتك، توقعاتك حول المستقبل، مثلك العليا، عواطفك، رغباتك، خططك، المفاهيم
التي تقدرها والأشياء المادية التي تمتلكها.
إن مادة هذا الفصل "طبيعة المادة"،
ليست موضوعاً يثار اليوم للمرة الأولى، فقد جرت مناقشة هذا المفهوم عبر تاريخ
الإنسانية من قبل مفكرين وعلماء. وانقسم الناس، منذ البداية، إلى مجموعتين بخصوص
هذا الموضوع، المجموعة الأولى المعروفة بالماديين الذين استندوا في فلسفاتهم
وحياتهم إلى الوجود الأساسي للمادة وعاشوا وهم يخدعون أنفسهم. والمجموعة الأخرى
تصرفت بصدق، وبما أنها لا تخاف من التفكير بعمق فقد عاشت متمسكة بجوهر الأشياء
التي تعرضت لها والمعنى العميق الذي ينطوي وراءها. وعلى أية حال فإن التقدم الحاصل
في العلم والتكنولوجيا في عصرنا هذا قد أنهى أخيراً هذا الجدل بإثبات ـ لا يقبل
الشك ـ الحقيقة البديهية. بأن المادة ليس لها وجود حقيقي.
وتأتي أهمية الموضوع من انعكاسه على
حياة الإنسان كلها. فلِكل فرد فترة حياة محدودة، وكل واحد خاضع لاختبار الله خلال
هذه الفترة. وكل فرد سيلقى جزاءه بحزم حسب المسار الذي يختار اتباعه والأساليب
التي يظهر بها في هذا العالم والسلوك الذي ينتهجه، فإن حياته الأبدية تصاغ حسب ما يستحق.
وهذا يعني أنه خلال حياته التي لا تنتهي سيكافأ على الحياة التي اختارها في الدنيا،
ولن يحظى أبداً بفرصة أخرى لإصلاح أخطائه.
ومن خلال وجهة النظر هذه يصبح من الأسهل
فهم قيمة حياة الناس على الأرض. ومن هنا تأتي أهمية الموضوع الذي يعالجه هذا
الكتاب. و بما أن كل فرد له فترة اختبار قصيرة وسيكافأ أو يعاقب على أعماله في
حياته الآخرة التي لا تنتهي، فمن واجبه حتماً قضاء هذه الفترة في أفضل الطرق حكمة.
وإذا أخفق في فعل ذلك فلن ينفعه أشد الندم.
والغاية من هذا الكتاب هي مساعدة
الإنسان قبل بلوغه مرحلة الندم، دون أن يجد الفرصة للتكفير عن "ذلك اليوم"
عندما يلقى الإنسان خالقه (وَلَقَدْ جِئْتُمُونا فُرادَى
كَما خَلَقْناكُم أَوَّلَ مَرَّةٍ) [سورة الأنعام: 94].
إن ما ستقرؤه الآن سيكون مفتاحاً للعديد
من المواضيع التي لم تتمكن من حلها حتى الآن أو فهمها بصورة تامة، وسيكون لديك
فهمٌ أفضل للمفاهيم مثل الجنة والنار وما يتبعها بصورة عميقة وواقعية وذلك
بالتسليم بمعنى الحياة.
هارون يحيى
هارون يحيى
اعلان جانبي يسار
اعلان جانبي يسار

